فصل: شهر صفر سنة 1213

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» **


 شهر صفر سنة 1213

- وفي يوم الأحد غرة شهر صفر وردت الأخبار بأن في يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر محرم التقى العسكر المصري مع الفرنسيس فلم تكن إلا ساعة وانهزم مراد بك ومن معه ولم يقع قتال صحيح وإنما هي مناوشة من طلائع العسكرين بحيث لم يقتل إلا القليل من الفريقين واحترقت مراكب مراد بك بما فيها من الجبخانة والآلات الحربية واحترق بها رئيس الطبجية خليل الكردلي وكان قد قاتل في البحر قتالًا عجيبًا فقدر الله أن علقت نار بالقلع وسقط منها نار الى البارود فاشتعلت جميعها بالنار واحترقت المركب بما فيه من المحاربين وكبيرهم وتطايروا في الهواء فلما عاين ذلك مراد بك داخله الرعب وولى منهزمًا وترك الأثقال والمدافع وتبعته عساكره ونزلت المشاة في المراكب ورجعوا طالبين مصر ووصلت الأخبار بذلك الى مصر فاشتد انزعاج الناس وركب ابراهيم بك الى ساحل بولاق وحضر الباشا والعلماء ورؤوس الناس وأعملوا رأيهم في هذا الحادث العظيم فاتفق رأيهم على عمل متاريس من بولاق الى شبرا ويتولى الإقامة ببولاق ابراهيم بك وكشافه ومماليكه وقد كانت العلماء عند توجه مراد بك تجتمع بالأزهر كل يوم ويقرأون البخاري وغيره من الدعوات وكذلك مشايخ فقراء الأحمدية والرفاعية والبراهمة والقادرية والسعدية وغيرهم من الطوائف وأرباب الأشاير ويعملون لهم مجالس بالأزهر وكذلك أطفال المكاتب ويذكرون الاسم اللطيف وغير من وفي يوم الاثنين حضر مراد بك الى بر انبابة وشرع في عمل متاريس هناك ممتدة الى بشتيل وتولى ذلك هو وصناجقه وأمراؤه وجماعة من خشداشينه واحتفل في ترتيب ذلك وتنظيمه بنفسه هو وعلي باشا الطرابلسي ونصوح باشا وأحضروا المراكب الكبار والغلايين التي أنشأها بالجيزة وأوقفها على ساحل انبابة وشحنها بالعساكر والمدافع فصار البر الغربي والشرقي مملوئين بالمدافع والعساكر والمتاريس والخيالة والمشاة ومع ذلك فقلوب الأمراء لم تطمئن بذلك فإنهم من حين وصول الخبر من الاسكندرية شرعوا في نقل أمتعتهم من البيوت الكبار المشهورة المعروفة الى البيوت الصغار التي لا يعرفها أحد واستمروا طول الليالي ينقلون الأمتعة ويوزعونها عند معارفهم وثقاتهم وأرسلوا البعض منها لبلاد الأرياف وأخذوا أيضًا في تشهيل الأحمال واستحضار دواب للشيل وأدوات الارتحال فلما رأى أهل البلدة منهم ذلك داخلهم الخوف الكثير والفزع واستعد الأغنياء وأولو المقدرة للهروب ولولا أن الأمراء منعوهم من ذلك وزجروهم وهددوا من أراد النقلة لما بقي بمصر منهم واحد‏.‏

وفي يوم الثلاثاء نادوا بالنفير العام وخروج الناس للمتاريس وكرروا المناداة بذلك كل يوم فأغلق الناس الدكاكين والأسواق وخرج الجميع لبر بولاق فكانت كل طائفة من طوائف أهل الصناعات يجمعون الدراهم من بعضهم وينصبون لهم خيامًا أو يجلسون في مكان خرب أو مسجد ويرتبون لهم فيما يصرف عليهم ما يحتاجون له من الدراهم التي جمعوها من بعضهم وبعض الناس يتطوع بالإنفاق على البعض الآخر ومنهم من يجهز جماعة من المغاربة والشوام بالسلاح والأكل وغير ذلك بحيث أن جميع الناس بذلوا وسعهم وفعلوا ما في قوتهم وطاقتهم وسمحت نفوسهم بإنفاق أموالهم فلم يشح في ذلك الوقت أحد بشيء يملكه ولكن لم يسعفهم الدهر وخرجت الفقراء وأرباب الأشاير بالطبول والزمور وأعلام والكاسات وهم يضجون ويصيحون ويذكرون بأذكار مختلفة وصعد السيد عمر أفندي نقيب الأشراف الى القلعة فأنزل منها بيرقًا كبيرًا سمته العامة البيرق النبوي فنشره بين يديه من القلعة الى بولاق وأمامه وحوله ألوف من العامة بالنبابيت والعصي يهللون ويكبرون ويكثرون من الصياح ومعهم الطبول والزمور وغير ذلك وأما مصر فإنها باقية خالية الطرق لا تجد بها أحدًا سوى النساء في البيوت والصغار وضعفاء الرجال الذين لا يقدرون على الحركة فإنهم مستترون مع النساء في بيوتهم والأسواق مصفرة والطرق مجفرة من عدم الكنس والرش وغلا سعر البارود والرصاص بحيث يبيع الرطل البارود بستين نصفًا والرصاص بتسعين وغلا جنس أنواع السلاح وقل وجوده وخرج معظم الرعايا بالنبابيت والعصي والمساوق وجلس مشايخ العلماء بزاوية علي بك ببولاق يدعون ويبتهلون الى الله بالنصر وأقام غيرهم من الرعايا البعض بالبيوت والبعض بالزوايا والبعض بالخيام‏.‏

ومحصل الأمر أن جميع من بمصر من الرجال تحول الى بولاق وأقام بها من حين نصب ابراهيم بك العرضي هناك الى وقت الهزيمة سوى القليل من الناس الذين لا يجدون لهم مكانًا ولا مأوى فيرجعون الى بيوتهم يبيتون بها ثم يصيحون الى بولاق وأرسل ابراهيم بك الى العربان المجاورة لمصر ورسم لهم أن يكونوا في المقدمة بنواحي شبرا وما والاها وكذلك اجتمع عند مراد بك الكثير من عرب البحيرة والجيزة والصعيد والخبيرية والقيعان وأولاد علي والهنادي وغيرهم وفي كل يوم يتزايد الجمع ويعظم الهول ويضيق الحال بالفقراء الذين يحصلون أقواتهم يومًا فيومًا لتعطل الأسباب واجتماع الناس كلهم في صعيد واحد وانقطعت الطرق وتعدى الناس بعضهم على بعض لعدم التفات الحكام واشتغالهم بما دهمهم‏.‏

وأما بلاد الأرياف فإنها قامت على ساق يقتل بعضهم بعضًا وينهب بعضهم بعضًا وكذلك العرب غارت على الأطراف والنواحي وصار قطر مصر من أوله الى آخره في قتل ونهب وإافة طريق وقيام شر وإغارة على الأموال وإفساد المزارع وغير ذلك من أنواع الفساد الذي لا يحصى وطلب أمراء مصر التجار من الإفرنج بمصر فحبسوا بعضهم بالقلعة وبعضهم بأماكن الأمراء وصاروا يفتشون في محلات الإفرنج على الأسلحة وغيرها وكذلك يفتشون بيوت النصارى الشوام والأقباط والأروام والكنائس والأديرة على الأسلحة والعامة لا ترضى إلا أن يقتلوا النصارى واليهود فيمنعهم الحكام عنهم ولولا ذلك المنع لقتلتهم العامة وقت الفتنة ثم في كل يوم تكثر الإشاعة بقرب الفرنسيس الى مصر وتختلف الناس في الجهة التي يقصدون المجيء منها فمنهم من يقول إنهم واصلون من البر الغربي ومنهم من يقول بل يأتون من الشرقي ومنهم من يقول بل يأتون من الجهتين هذا وليس لأحد من أمراء العساكر همة أن يبعث جاسوسًا أو طليعة تناوشهم بالقتال قبل دخولهم وقربهم ووصولهم الى فناء المصر بل كل من ابراهيم بك ومراد بك جمع عسكره ومكث مكانه لا ينتقل عنه ينتظر ما يفعل بهم وليس ثم قلعة ولا حصن ولا معقل وهذا من سوء التدبير وإهمال أمر العدو‏.‏

ولما كان يوم الجمعة سادس الشهر وصل الفرنسيس الى الجسر الأسود وأصبح يوم السبت فوصلوا الى أم دينار فعندها اجتمع العالم العظيم من الجند والرعايا والفلاحين المجاورة بلادهم لمصر ولكن الأجناد متنافرة قلوبهم منحلة عزائمهم مختلفة آراؤهم حريصون على حياتهم وتنعمهم ورفاهيتهم مختالون في رئيسهم مغترون بجمعهم محتقرون شأن عدوهم مرتبكون في رويتهم مغمورون في غفلتهم وهذا كله من أسباب ما وقع من خذلانهم وهزيمتهم وقد كان الظن بالفرنسيس أن يأتوا من البرين بل أشيع في عرضي ابراهيم بك أنهم قادمون من الجهتين فلم يأتوا إلا من البر الغربي‏.‏

ولما كان وقت القائلة ركب جماعة من العساكر التي بالبر الغربي وتقدموا الى ناحية بشتيل بلد مجاورة لانبابة فتلاقوا مع مقدمة الفرنسيس فكروا عليهم بالخيول فضربهم الفرنسيس ببنادقهم المتتابعة الرمي وأبلى الفريقان وقتل أيوب بك الدفتردار وعبده الله كاشف الجرف وعدة كثيرة من كشاف محمد بك الإلفي ومماليكهم وتبعهم طابور من الإفرنج في نحو الستة آلاف وكبيره ويزه الذي ولي على الصعيد بعد تملكهم وأما بونابارته الكبير فإنه لم يشاهد الواقعة بل حضر بعد الهزيمة وكان بعيدًا عن هؤلاء بكثير ولما قرب طابور الفرنسيس من متاريس مراد بك ترامى الفريقان بالمدافع وكذلك العساكر المحاربون البحرية وحضر عدة وافرة من عساكر الأرنؤد من دمياط وطلعوا الى انبابة وانضموا الى المشاة وقاتلوا معهم في المتاريس فلما غاين وسمع عسكر البر الشرقي القتال ضج العامة والغوغاء من الرعية واخلاط الناس بالصياح ورفع الأصوات بقولهم يا رب ويا لطيف ويا رجال الله ونحو ذلك وكأنهم يقاتلون ويحاربون بصياحهم وجلبتهم فكان العقلاء من الناس يصرخون عليهم ويأمرونهم بترك ذلك ويقولون لهم إن الرسول والصحابة والمجاهدين إنما كانوا يقاتلون بالسيف والحراب وضرب الرقاب لا برفع الأصوات والصراخ والنباح فلا يستمعون ولا يرجعون عما هم فيه ومن يقرأ ومن يسمع وركب طائفة كبيرة من الأمراء والأجناد من العرضي الشرقي ومنهم ابراهيم بك الوالي وشرعوا في التعدية الى البر الغربي في المراكب فتزاحموا على المعادي لكون التعدية من محل واحد والمراكب قليلة جدًا فلم يصلوا الى البر الآخر حتى وقعت الهزيمة به على المحاربين هذا والريح النكباء اشتد هبوبها وأمواج البحر في قوة اضطرابها والرمال يعلو غبارها وتنسفها الريح في وجوه المصريين فلا يقدر أحد أن يفتح عينيه من شدة الغبار وكون الريح من ناحية العدو وذلك من أعظم أسباب الهزيمة كما هو منصوص عليه‏.‏

ثم إن الطابور الذي تقدم لقتال مراد بك انقسم على كيفية معلومة عندهم في الحرب وتقارب من المتاريس بحيث صار محيطًا بالعسكر من خلفه وأمامه ودق طبوله وأرسل بنادقه المتتالية والمدافع واشتد هبوب الريح وانعقد الغبار وأظلمت الدنيا دخان البارود وغبار الرياح وصمت الأسماع من توالي الضرب بحيث خيل للناس أن الأرض تزلزلت والسماء عليها سقطت‏.‏

واستمر الحرب والقتال نحو ثلاثة أرباع ساعة ثم كانت هذه الهزيمة على العسكر الغربي فغرق الكثير من الخيالة في البحر لإحاطة العدو بهم وظلام الدنيا والبعض وقع أسيرًا في أيدي الفرنسيس وملكوا المتاريس وفر مراد بك ومن معه الى الجيزة فصعد الى قصره وقضى بعض أشغاله في نحو ربع ساعة ثم ركب وذهب الى الجهة القبلية وبقيت القتلى والثياب والأمتعة والأسلحة والفرش ملقاة على الأرض ببر انبابة تحت الأرجل وكان من جملة من ألقى نفسه في البحر سليمان بك المعروف بالآغا وأخوه ابراهيم بك الوالي فأما سليمان بك فنجا وغرق ابراهيم بك الصغير وهو صهر ابراهيم بك الكبير ولما انهزم العسكر الغربي حول الفرنسيس المدافع والبنادق على البر الشرقي وضربوها وتحقق أهل البر الآخر الهزيمة فقامت فيهم ضجة عظيمة وركب في الحال ابراهيم بك والباشا والأمراء والعسكر والرعايا وتركوا جميع الأثقال والخيام كما هي لم يأخذوا منها شيئًا فأما ابراهيم بك والباشا والأمراء فساروا الى جهة العادلية وأما الرعايا فهاجوا وماجوا ذاهبين الى جهة المدينة ودخلوها أفواجًا أفواجًا وهم جميعًا في غاية الخوف والفزع وترقب الهلاك وهم يضجون بالعويل والنحيب ويبتهلون الى الله من شر هذا اليوم العصيب والنساء يصرخن بأعلى أصواتهن من البيوت وقد كان ذلك قبل الغروب فلما استقر ابراهيم بك بالعادلية أرسل يأخذ حريمه وكذلك من كان معه من الأمراء فأركبوا النساء بعضهن على الخيول وبعضهن على البغال والبعض على الحمير والجمال والبعض ماش كالجواري والخدم واستمر معظم الناس طول الليل خارجين من مصر البعض بحريمه والبعض ينجو بنفسه ولا يسأل أحد عن أحد بل كل واحد مشغول بنفسه عن أبيه وابنه فخرج تلك الليلة معظم أهل مصر البعض لبلاد الصعيد والبعض لجهة الشرق وهم الأكثر وأقام بمصر كل مخاطر بنفسه لا يقدر على الحركة ممتثلًا للقضاء متوقعًا للمكروه وذلك لعدم قدرته وقلة ذات يده وما ينفقه على حمل عياله وأطفاله ويصرفه عليهم في الغربة فاستسلم للمقدور ولله عاقبة الأمور والذي أزعج قلوب الناس بالأكثر أن في عشاء تلك الليلة شاع في الناس أن الإفرنج عدوا الى بولاق وأحرقوها وكذلك الجيزة وأن أولهم وصل الى باب الحديد يحرقون ويقتلون ويفجرون بالنساء وكان السبب في هذه الإشاعة أن بعض القلينجية من عسكر مراد بك الذي كان في الغليون بمرسي انبابة لما تحقق الكسرة أضرم النار في الغليون الذي هو فيه وكذلك مراد بك لما رحل من الجيزة أمر بانجرار الغليون الكبير من قبالة قصره ليصحبه معه الى جهة قبلي فمشوا به قليلًا ووقف لقلة الماء في الطين وكان به عدة وافرة من آلات الحرب والجبخانة فأمر بحرقه أيضًا فصعد لهيب النار من جهة الجيزة وبولاق ظنوا بل أيقنوا أنهم أحرقوا البلدين فماجوا واضطربوا زيادة عما هم فيه من الفزع والروع والجزع وخرج أعيان الناس وأفندية الوجاقات وأكابرهم ونقيب الأشراف وبعض المشايخ القادرين فلما عاين العامة والرعية ذلك اشتد ضجرهم وخوفهم وتحركت عزائمهم للهروب واللحاق بهم والحال أن الجميع لا يدرون أي جهة يسلكون وأي طريق يذهبون وأي محل يستقرون فتلاحقوا وتسابقوا وخرجوا من كل حدب ينسلون وبيع الحمار الأعرج أو البغل الضعيف بأضعاف ثمنه وخرج أكثرهم ماشيًا أو حاملًا متاعه على رأسه وزوجته حاملة طفلها ومن قدر على مركوب أركب زوجته أو ابنته ومشى هو على أقدامه وخرج غالب النساء ماشيات حاسرات وأطفالهن على أكتافهن يبكين في ظلمة الليل واستمروا على ذلك بطول ليلة الأحد وصحبها وأخذ كل إنسان ما قدر على حمله من مال ومتاع فلما خرجوا من أبواب البلد وتوسطوا الفلاة تلقتهم العربان والفلاحون فأخذوا متاعهم ولباسهم وأحمالهم بحيث لم يتركوا لمن صادفوه ما يستر به عورته أو يسد جوعته فكان ما أخذته العرب شيئًا كثيرًا يفوق الحصر بحيث أن الأموال والذخائر التي خرجت من مصر في تلك الليلة أضعاف ما بقي فيها بلا شك لأن معظم الأموال عند الأمراء والأعيان وحريمهم وقد أخذوه صحبتهم وغالب مساتير الناس وأصحاب المقدرة أخرجوا أيضًا ما عندهم والذي أقعده العجز وكان عنده ما يعز عليه من مال أو مصاغ أعطاه لجاره أو صديقه الراحل ومثل ذلك أمانات وودائع الحجاج من المغاربة والمسافرين فذهب ذلك جميعه وربما قتلوا من قدروا عليه أو دافع عن نفسه ومتاعه وسلبوا ثياب النساء وفضحوهن وهتكوهن وفيهم الخوندات والأعيان فمنهم من رجع من قريب وهم الذين تأخروا في الخروج وبلغهم ما حصل للسابقين ومنهم من جازف متكلًا على كثرته وعزوته وخفارته فسلم أو عطب وكانت ليلة وصباحها في غاية الشناعة جرى فيها ما لم يتفق مثله في مصر ولا سمعنا بما شابه بعضه في تواريخ المتقدمين فما راء كم سمعا ولما أصبح يوم الأحد المذكور والمقيمون لا يدرون ما يفعل بهم ومتوقعون حلول الفرنسيس ووقوع المكروه ورجع الكثير من الفارين وهم في أسوأ حال من العري والفزع فتبين أن الإفرنج لم يعدوا الى البر الشرقي وأن الحريق كان في المراكب المتقدم ذكرها فاجتمع في الأزهر بعض العلماء والمشايخ وتشاوروا فاتفق رأيهم على أن يرسلوا مراسلة الى الإفرنج ينتظروا ما يكون من جوابهم ففعلوا ذلك وأرسلوها صحبة شخص مغربي يعرف لغتهم وآخر صحبته فغابا وعاد فأخبرا أنهما قابلا كبير القوم وأعطياه الرسالة فقرأها عليه ترجمانه ومضمونها الاستفهام عن قصدهم فقال على لسان الترجمان‏:‏ وأين عظماؤكم ومشايخكم لم تأخروا عن الحضور إلينا لنرتب لهم ما يكون فيه الراحة وضمنهم وبش في وجوههم فقالوا‏:‏ نريد أمانًا منكم فقال‏:‏ أرسلنا لكم سابقًا يعنون الكتاب المذكور فقالوا وأيضًا لأجل اطمئنان الناس فكتبوا لهم ورقة أخرى مضمونها‏:‏ من معسكر الجيزة خطابًا لأهل مصر إننا أرسلنا لكم ف يالسابق كتابًا فيه الكفاية وذكرنا لكم أننا حضرنا إلا بقصد إزالة المماليك الذين يستعملون الفرنساوية بالذل والاحتقار وأخذ مال التجار ومال السلطان ولما حضرنا الى البر الغربي خرجوا إلينا فقابلناهم بما يستحقونه وقتلنا بعضهم وأسرنا بعضهم ونحن في طلبهم حتى لم يبق أحد منهم بالقطر المصري وأما المشايخ والعلماء وأصحاب المرتبات والرعية فيكونون مطمئنين وفي مساكنهم مرتاحين الى آخر ما ذكرته ثم قال لهم‏:‏ لابد أن المشايخ والشربجية يأتون إلينا لنرتب لهم ديوانًا ننتخبه من سبعة أشخاص عقلاء يدبرون الأمور ولما رجع الجواب بذلك اطمأن الناس وركب الشيخ مصطفى الصاوي والشيخ سليمان الفيومي وآخرون الى الجيزة فتلقاهم وضحك لهم وقال‏:‏ أنتم المشايخ الكبار فأعلموه أن المشايخ الكبار خافوا وهربوا فقال‏:‏ لأي شيء يهربون اكتبوا لهم بالحضور ونعمل لكم ديوانًا لأجل راحتكم وراحة الرعية وأجراء الشريعة فكتبوا منه عدة مكاتبات بالحضور والأمان ثم انفصلوا من معسكرهم بعد العشاء وحضروا الى مصر واطمأن برجوعهم الناس وكانوا في وجل وخوف على غيابهم وأصبحوا فأرسلوا الأمان الى المشايخ فحضر الشيخ السادات والشيخ الشرقاوي والمشايخ ومن انضم إليهم من الناس الفارين من ناحية المطرية وأما عمر أفندي نقيب الأشراف فإنه لم يطمئن ولم يحضر وكذلك الروزنامجي والأفندية وفي ذلك اليوم اجتمعت الجعيدية وأوباش الناس ونهبوا بيت ابراهيم بك ومراد بك اللذين بخطة قوصون وأحرقوهما ونهبوا أيضًا عدة بيوت من بيوت الأمراء وأخذوا ما فيها من فرش ونحاس وأمتعة وغير ذلك وباعوه بأبخس الأثمان‏.‏

وفي يوم الثلاثاء عدت الفرنساوية الى بر مصر وسكن بونابارته ببيت محمد بك الالفي بالأزبكية بخط الساكت الذي أنشأه الأمير المذكور في السنة الماضية وزخرفه وصرف عليه أموالًا عظمية وفرشه بالفرش الفاخرة وعند تمامه وسكناه فيه حصلت هذه الحادثة فأخلوه وتركوه بما فيه فكأنه إنما كان يبنيه لأمير الفرنسيس وكذلك حصل في بيت حسن كاشف جركس بالناصرية ولما عدى كبيرهم وسكن بالأزبكية كما ذكر استمر غالبهم بالبر الآخر ولم يدخل المدينة إلا القليل منهم ومشوا في الأسواق من غير سلاح ولا تعديل صاروا يضاحكون الناس ويشترون ما يحتاجون إليه بأغلى ثمن فيأخذ أحدهم الدجاجة ويعطي صاحبهافي ثمنها ريال فرانسة ويأخذ البيضة بنصف فضة قياسًا على أسعار بلادهم وأثمان بضائعهم فلما رأى منهم العامة ذلك أنسوا بهم واطمأنوا لهم وخرجوا إليهم بالكعك وأنواع الفطير والخبز والبيض والدجاج وأنواع المأكولات وغير ذلك مثل السكر والصابون والدخان والبن وصاروا يبيعون عليهم بما أحبوا من الأسعار وفتح غالب السوق الحوانيت والقهاوي‏.‏

وفي يوم الخميس ثالث عشر صفر أرسلوا بطلب المشايخ والوجاقلية عند قائمقام صاري عسكر فلما استقر بهم الجلوس خاطبوهم وتشاوروا معهم في تعيين عشرة أنفار من المشايخ للديوان وفصل الحكومات‏.‏

فوقع الاتفاق على الشيخ عبد الله الشرقاوي والشيخ خليل البكري والشيخ مصطفى الصاوي والشيخ سليمان الفيومي والشيخ محمد المهدي والشيخ موسى السرسي والشيخ مصطفى الدمنهوري والشيخ أحمد العريشي والشيخ يوسف الشبرخيتي والشيخ محمد الدواخلي وحضر ذلك المجلس أيضًا مصطفى كتخدا بكر باشا والقاضي وقلدوا محمد آغا المسلماني أغات مستحفظان وعلي آغا الشعراوي والي الشرطة وحسن آغا محرم أمين احتساب وذلك بإشارة أرباب الديوان فإنهم كانوا ممتنين من تقليد المناصب لجنس المماليك فعرفوهم أن سوقة مصر لا يخافون إلا من الأتراك ولا يحكمهم سواهم وهؤلاء المذكورون من بقايا البيوت القديمة الذين لا يتجاسرون على الظلم كغيرهم وقلدوا ذا الفقار كتخدا محمد بك كتخدا بونابارته ومن أرباب المشورة الخواجا موسى كانوا وكلاء الفرنساوي ووكيل الديوان حنا بينو‏.‏

وفيه اجتمع أرباب الديوان عند رئيسه فذكر لهم ما وقع من نهب البيوت فقالوا له هذا فعل الجعيدية وأوباش الناس فقال لأي شيء يفعلون ذلك وقد أوصيناكم بحفظ البيوت والختم عليها فقالوا هذا أمر لا قدرة لنا على منعه وإنما ذلك من وظيفة الحكام فأمروا الآغا والوالي أن ينادوا بالأمان وفتح الدكاكين والأسواق والمنع من النهب فلم يسمعوا ولم ينتهوا واستمر غالب الدكاكين والأسواق معطلة والناس غير مطمئنين وفتح الفرنسيس بعض البيوت المغلوقة التي للأمراء ودخلوها وأخذوا منها أشياء وتركوها مفتوحة فعندما يخرجون منها يدخلها طائفة الجعيدية ويستأصلون ما فيها واستمروا على ذلك عدة أيام ثم أنهم تتبعوا بيوت الأمراء وأتباعهم وختموا على بعضها وسكنوا بعضها فكان الذي يخاف على داره من جماعة الوجاقلية أو من أهل البلد وفيه قلدوا برطلمين النصراني الرومي وهو الذي تسميه العامة فرط الرمان كتخدا مستحفظان وركب بموكب من بيت صاري عسكر وأمامه عدة من طوائف الأجناد والبطالين مشاة بين يده وعلى رأسه حشيشة من الحرير الملون وهو لابس فروة بزعادة وبين يديه الخدم بالحراب المفضضة ورتب له بيوك باشي وقلقات عينوا لهم مراكز باخطاط البلد يجلسون بها وسكن المذكور ببيت يحيى كاشف الكبير بحارة عابدين أخذه بما فيه من فرش ومتاع وجواري وغير ذلك والمذكور من أسافل نصارى الأروام العسكرية القاطنين بمصر وكان من الطبجية عند محمد بك الالفي وله حانوت بخط الموسكي يبيع فيه القوارير الزجاج أيام البطالة وقلدوا أيضًا شخصًا افرنجيًا وجعلوه أمين البحرين وآخر جعلوه آغات الرسالة وجعلوا الديوان ببيت قائد آغا بالأزبكية قرب الرويعي وسكن به رئيس الديوان وسكن روتوي قائمقام مصر ببيت ابراهيم بك الوالي المطل على بركة الفيل وسكن شيخ البلد ببيت ابراهيم بك الكبير وسكن مجلون ببيت مراد بك على رصيف الخشاب وسكن بوسليك مدير الحدود ببيت الشيخ البكري القديم ويجتمع عنده النصارى القبط كل يوم وطلبوا الدفاتر من الكتبة ثم إن عساكرهم صارت تدخل المدينة شيئًا فشيئًا حتى امتلأت منها الطرقات وسكنوا في البيوت ولكن لم يشوشوا علي أحد ويأخذون المشتروات بزيادة عن ثمنها ففجر السوقة وصغروا أقراص الخبز وطحنوه بترابه وفتح الناس عدة دكاكين بجواره ساكنهم يبيعون فيها أصناف المأكولات مثل الفطير والكعك والسمك المقلي واللحوم والفراخ المحمرة وغير ذلك وفتح نصارى الأروام عدة دكاكين لبيع أنواع الأشربة وخمامير وقهاوي وفتح بعض الإفرنج البلدين بيوتًا يصنع فيها أنواع الأطعمة والأشربة على طرائقهم في بلادهم فيشتري الأغنام والدجاج والخضارات والأسماك والعسل والسكر وجميع اللوازم ويطبخه الطباخون ويصنعون أنواع الأطعمة والحلاوات ويعمل على بابه علامة لذلك يعرفونها بينهم فإذا مرت طائفة بذلك المكان تريد الأكل دخلوا الى ذلك المكان وهو يشتمل على عدة مجالس دون وأعلى وعلى كل مجلس علامته ومقدار الدراهم التي يدفعها الداخل فيه فيدخلون الى ما يريدون من المجالس وفي وسطه دكة من الخشب وهي الخوان التي يوضع عليها الطعام وحولها كراسي فيجلسون عليها ويأتيهم الفراشون بالطعام على قوانينهم فيأكلون ويشربون على نسق لا يتعدونه وبعد فراغ حاجتهم يدفعون ما وجب عليهم من غير نقص ولا زيادة ويذهبون لحالهم‏.‏

وفيه تشفع أرباب الديوان في أسرى المماليك فقبلوا شفاعتهم وأطلقوهم فدخل الكثير منهم الى الجامع الأزهر وهم في أسوأ حال وعليهم الثياب الزرق المقطعة فمكثوا به يأكلون من صدقات الفقراء المجاورين به ويتكففون المارين وفي ذلك عبرة للمعتبرين‏.‏

وفي يوم السبت اجتمعوا بالديوان وطلبوا دراهم سلفة وهي مقدار خمسمائة ألف ريال من التجار المسلمين والنصارى القبط والشوام وتجار الافرنج أيضًا فسألوا التخفيف فلم يجابوا فأخذوا في تحصيلها‏.‏

وفيه نادوا من أخذ شيئًا من نهب البيوت يحضر به الى بيت قائمقام وإن لم يفعل وظهر بعد ذلك حصل له مزيد الضرر ونادوا أيضًا على نساء الأمراء بالأمان وأنهن يسكن بيوتهن وإن كان عندهن شيء من متاع أزواجهن يظهرنه فإن لم يكن عندهن شيء من منتاع أزواجهن يصالحن على أنفسهن ويأمن في دورهن فظهرت الست نفيسة زوجة مراد بك وصالحت على نفسها وأتباعها من نساء الأمراء والكشاف بمبلغ قدره مائة وعشرون ألف ريال فرانسا‏.‏

وأخذت في تحصيل ذلك من نفسها وغيرها ووجهوا عليها الطلب وكذلك بقية النساء بالوسائط المتداخلين في ذلك كنصارى الشوام والإفرنج البلديين وغيرهم فصاروا يعملون عليهن إرهاصات وتخويفات وكذلك مصالحات على الغز والأجناد المختفين والغائبين والفارين فجمعوا بذلك أموالًا كثيرة وكتبوا للغائبين أوراقًا بالأمان بعد المصالحة ويختم على تلك الأوراق المتقيدون بالديوان‏.‏

وفي يوم الأحد طلبوا الخيول والجمال والسلاح فكان شيئًا كثيرًا وكذلك الأبقار والأثوار فحصل فيها أيضًا مصالحات وأشاعوا التفتيش على ذلك وكسروا عدة دكاكين بسوق السلاح وغيره وأخذوا ما وجدوه فيها من الأسلحة هذا وفي كل يوم ينقلون على الجمال والحمير من الأمتعة والفرش والصناديق والسروج وغير ذلك مما لا يحصى ويستخرجون الخبايا والودائع ويطلبون البنائين والمهندسين والخدام الذين يعرفون بيوت أسيادهم بل يذهبون بأنفسهم ويدلونهم على أماكن الخبايا ومواضع الدفائن ليصير لهم بذلك قربة ووجاهة ووسيلة ينالون بها أغراضهم‏.‏

وفيه قبضوا على شيخ الجعيدية ومعه آخر وبندقوا عليهما بالرصاص ببركة الأزبكية ثم على آخرين أيضًا بالرميلة وأحضر النهابون أشياء كثيرة من الأمتعة التي نهبوها عندما داخلهم الخوف ودا على بعضهم البعض‏.‏

وفي يوم الثلاثاء طلبوا أهل الحرف من التجار بالأسواق وقرروا عليهم دراهم على سبيل القرض والسلفة مبلغًا يعجزون عنه وأجلوا لها أجلًا مقداره ستون يومًا فضجوا واستغاثوا وذهبوا الى الجامع الأزهر والمشهد الحسيني وتشفعوا بالمشايخ فتكلموا لهم ولطفوها الى النصف المطلوب ووسعوا لهم في أيام المهلة‏.‏

وفيه شرعوا في تكسير أبواب الدروب والبوابات النافذة وخرج عدة من عساكرهم يخلعون ويقلعون أبواب الدروب والعطف والحارات فاستمروا على ذلك عدة أيام وداخل الناس من ذلك وهم وخوف شديد وظنوا ظنونًا وحصل عندهم فساد مخيلة ووسوسة تجسمت في نفوسهم بألفاظ نطقوا بها وتصوروا حقيقتها وتناقلوها فيما بينهم كقولهم إن عساكر الفرنسيس عازمون على قتل المسلمين وهم في صلاة الجمعة ومنهم من يقول غير ذلك وذلك بعد أن كان حصل عندهم بعض اطمئنان وفتحوا بعض الدكاكين فلما حصلت هاتان النكتتان انكمش الناس ثانية وارتجفت قلوبهم‏.‏

وفي عشرينه حضرت مكاتيب الحجاج من العقبة فذهب أرباب الديوان الى باش العسكر وأعلموه بذلك وطلبوا منه أمانًا لأمير الحاج فامتنع وقال‏:‏ لا أعطيه ذلك إلا بشرط أن يأتي في قلة ولا يدخل معه مماليك كثيرة ولا عسكر فقالوا له‏:‏ ومن يوصل الحجاج فقال لهم‏:‏ أنا أرسل لهم أربعة آلاف من العسكر يوصلونهم الى مصر فكتبوا لأمير الحاج مكاتبة بالملاطفة وأنه يحضر بالحجاج الى الدار الحمراء وبعد ذلك يحصل الخير فلم تصل إليهم الجوابات حتى كاتبهم ابراهيم بك يطلبهم للحضور الى جهة بلبيس فتوجهوا على بلبيس وأقاموا هناك أيامًا وكان ابراهيم بك ومن معه ارتحل من بلبيس الى المنصورة وأرسلوا الحريم الى القرين وفي ثالث عشرينه خرجت طائفة من العسكر الفرنساوي الى جهة العادلية وصار في كل يوم تذهب طائفة بعد أخرى ويذهبون الى جهة الشرق فلما كان ليلة الأربعاء خرج كبيرهم بونابارته وكانت أوائلهم وصلت الى الخانكة وأبي زعبل وطلبوا كلفة من أبي زعبل فامتنعوا فقاتلوهم وضربوهم وكسروهم ونهبوا البلدة وأحرقوها وارتحلوا الى بلبيس وأما الحجاج فإنهم نزلوا ببلبيس واكترت حجاج الفلاحين مع العرب فأوصلوهم الى بلادهم بالغربية والمنوفية والقليبونجية وغيرها وكذلك فعل الكثير من الحجاج فتفرقوا في البلد بحريمهم ومنهم من أقام ببلبيس وأما أمير الحاج صالح بك فإنه لحق بابراهيم بك وصحبته جماعة من التجار وغيرهم وفي ثامن عشرينه ملك الفرنساوية مدينة بلبيس من غير قتال وبها من بقي من الحجاج فلم يشوشوا عليهم وأرسلوها الى مصر وصحبتهم طائفة من عساكرهم ومعهم طبل فلما كان ليلة الأحد غايته جاء الرائد الى الأمراء بالمنصورة وأخبرهم بوصول الإفرنج وقربهم منهم فركبوا نصف الليل وترفعوا الى جهة القرين وتركوا التجار وأصحاب الأثقال فلما طلع النهار حضر إليهم جماعة من العربان واتفقوا معهم على أنهم يحملونهم الى القرين وحلفوا لهم وعاهدوهم على أنهم لا يخونونهم فلما توسطوا بهم الطريق نقضوا عهدهم وخانوهم ونهبوا حملوهم وتقاسموا متاعهم وعروهم من ثيابهم وفيه كبير التجار السيد أحمد المحروقي وكان ما يخصه نحو ثلثمائة ألف ريال فرانسة نقودًا ومتجرًا م جميع الأصناف الحجازية وصنعت العرب معهم ما لا خير فيه ولحقهم عسكر الفرنساوية فذهب السيد أحمد المحروقي الى صاري العسكر وواجهه وصحبته جماعة من العرب المنافقين فشكا له ما حل به وبإخوانه فلامهم على تنقلهم وركونهم الى المماليك والعرب ثم قبض على أبي خشبة شيخ بلد القرين وقال له‏:‏ عرفني عن مكان المنهوبات فقال‏:‏ أرسل معي جماعة الى القرين فأرسل معه جماعة دلهم على بعض الأحمال فأخذها الإفرنج ورفعوها ثم تبعوه الى محل آخر فأوهمهم أنه يدخل ويخرج إليهم أحمالًا كذلك فدخل وخرج من مكان آخر وذهب هاربًا فرجع أولئك العسكر بجمل ونصف جمل لا غير وقالوا‏:‏ هذا الذي وجدناه والرجل فر من أيدينا فقال صاري عسكر‏:‏ لابد من تحصيل ذلك فطلبوا منه الإذن في التوجه الى مصر فأصحب معهم عدة من عسكره أوصلوهم الى مصر وأمامهم طبل وهم في أسوأ حال وصحبتهم أيضًا جماعة من النساء اللاتي كن خرجن ليلة الحادثة وهن أيضًا في أسوأ حالة تسكب عند مشاهدتهن العبرات‏.‏

واستهل